بسم الله الرحمن الرحیم
احببت ان استطرق تاریخیاً علی موضوع المالکیه من اقوال سماحة السید الکورانی العاملی فی الفصل الأول:
دخول النخع فی الإسلام:(1)
وفدان
من النخع الى النبی(ص) بدأ دخول الیمنیین فی الإسلام عندما رأى ملکها
الفارسی باذان صدق النبی(ص) لما أخبره بهلاک کسرى على ید ابنه ، فی الوقت
الفلانی ، فأسلم ، وجعله النبی(ص) حاکماً على الیمن .
وبموت
کسرى وضعف دولته تفککت الیمن ، وسیطر رؤساء قبائلها على مناطقهم ، فبعث
الیهم النبی(ص) رسائل فأسلم عدد منهم ، وأرسل علیاً(ع) مرتین فاستکمل فتحها
، وجاءت وفودها الى النبی(ص) ، وجاء وفد النخع مرتین ، مرة کان فیه رجلان
أعجبا النبی(ص) ، ومرة کانوا مئتین .
قال فی الطبقات:1/346: «قال أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الکلبی عن أبیه
عن أشیاخ النخع قالوا: بعثت النخع رجلین منهم إلى النبی (ص) وافدین
بإسلامهم: أرطاة بن شراحیل بن کعب من بنی حارثة بن سعد بن مالک بن النخع ،
والجهیش واسمه الأرقم من بنی بکر بن عوف بن النخع ، فخرجا حتى قدما على
رسول الله (ص) فعرض علیهما الإسلام فقبلاه ، فبایعاه على قومهما فأعجب رسول
الله (ص) شأنهما وحسن هیئتهما ، فقال: هل وراءکما من قومکما مثلکما ؟
قالا: یا رسول الله قد خلفنا من قومنا سبعین رجلاً کلهم أفضل منا ، وکلهم
یقطع الأمر وینفذ الأشیاء ما یشارکوننا فی الأمر إذا کان . فدعا لهما رسول
الله (ص) ولقومهما بخیر وقال: اللهم بارک فی النخع ، وعقد لأرطاة لواء على
قومه ، فکان فی یدیه یوم الفتح وشهد به القادسیة ، فقتل یومئذ فأخذه أخوه
درید فقتل رحمهما الله ، فأخذه سیف بن الحارث من بنی جذیمة فدخل به الکوفة .
ثم قال ابن سعد: قال أخبرنا محمد بن عمر الأسلمی قال: کان آخر من قدم من
الوفد على رسول الله (ص) وفد النخع وقدموا من الیمن للنصف من المحرم سنة
إحدى عشرة ، وهم مائتا رجل فنزلوا دار رملة بنت الحارث ، ثم جاؤوا رسول
الله (ص) مقرین بالإسلام ، وقد کانوا بایعوا معاذ بن جبل بالیمن فکان فیهم
زرارة بن عمرو قال أخبرنا هشام بن محمد قال هو زرارة بن قیس بن الحارث بن
عداء وکان نصرانیاً ».والإصابة:1/ 625).
أقول: تعمد رواة السلطة القرشیة أن یحذفوا إسم مالک الأشتر(رحمه الله) من الوفدین النخعیین الى رسول الله(ص) ! وستعرف أنه صحابی جلیل ، جاهد مع علی(ع) فی الیمن کما نص ابن الأعثم والواقدی.
هجرة النخع الى العراق:(2)
کانت
هجرة القبائل الى العراق والشام حاجةً عسکریة لاستکمال فتح العراق وبلاد
فارس وما وراء النهر ، وبلاد الشام ومصر . فهاجرت قبائل من الحجاز ، لکن
الثقل الأکبر کان من الیمن . وقد بلغ من حماسة بعض القبائل للمشارکة فی
الجهاد کالنخع ، أنهم جلهم أو کلهم هاجروا الى العراق والشام !
قال الواقدی:1/68: « فما تمت أیام قلائل حتى جاء جمع من الیمن وعلیهم عمرو بن معد یکرب الزبیدی یرید الشام ، فما لبثوا حتى أقبل مالک بن الأشتر النخعی
، فنزل عند الإمام علی رضی الله عنه بأهله ، وکان مالک یحب سیدنا علیاً
وقد شهد معه الوقائع وخاض المعامع فی عهد رسول الله(ص) ، وقد عزم على
الخروج مع الناس إلى الشام... واجتمع بالمدینة نحو تسعة آلاف فلما تم أمرهم
کتب أبو بکر کتاباً إلى خالد بن الولید یقول فیه... وقد تقدم إلیک أبطال
الیمن وأبطال مکة ، ویکفیک ابن معدی کرب الزبیدی ومالک بن الأشتر».
لکن الأشتر والنخعیین(1) شارکوا أولاً فی فتح العراق ونهضوا بثقل معارکه ، کما ذکر الواقدی:2/192، ثم ذهب مالک وهاشم المرقال ومجموعة فرسان ، لنجدة المسلمین فی الیرموک .
(1)التعلیق المهم علی هذه المقوله العظیمه المثبته وجود النخعیین فی العراق و وجودهم فی العراق یؤکد وجودهم فی محافظة الأهواز ایضاً،لأن کما نعلم العرب کانوا یهاجرون من مکان الی مکان فی کل وهلة زمینه.
فقد ذکر ابن أبی شیبة:8/15، أن النخع کانوا فی القادسیة(1)
ألفین وأربع مئة ، أی ربع جیش المسلمین! « فقال عمر: ما شأن النخع أصیبوا
من بین سائر الناس أفرَّ الناس عنهم؟ قالوا: لا بل وَلُوا أعظم الأمر
وحدهم »! (ابن أبی شیبة:8/14، والإصابة:1/196).
وفی مصنف ابن أبی شیبة:7/718: «عن الأعمش عن مالک بن الحارث أو غیره قال:
کنت لاتشاء أن تسمع یوم القادسیة: أنا الغلام النخعی ، إلا سمعته » .
(1)و الموضوع الآخر الداعم لقضیة وجود المالکیه تاریخیاً فی العراق و محافظة الأهواز هو الشراسه ودعم القضایا المهمه لیومنا هذا.
وفی تاریخ الطبری:3/82 ، أنهم هاجروا من الیمن مع عوائلهم ، وزوجوا سبع مائة بنت الى المسلمین(1)وخاصة الأنصار . (ونحوه فی تاریخ دمشق:65/100) .
(1)موضوع المصاهره مثبت عظیم و هو یدل علی أن قبیلة نخع صاهروا لکی یقطنون و یبقون فی العراق و الشاهدُ علی ذلک تلاحمهم مع القبائل المجاوره لهم کـ قبائل بنی سعید و الأجود و غیرهم من القبائل العربیه.
ونزل النخع قبلی مسجد الکوفة:
«وأنزل فی قبلة الصحن بنی أسد على طریق ، وبین بنی أسد والنخع طریق ، وبین
النخع وکندة طریق ، وبین کندة وأزد طریق».(تاریخ الکوفة/156).
وتدل روایة الحافظ الأصبهانی فی ذکر أخبار إصبهان:2/318 ، على أن الأشتر وفرسان النخع شارکوا فی فتح أصفهان،
قال: « مالک الأشتر بن الحارث بن عبد یغوث بن مسلمة بن ربیعة بن الحارث بن
خزیمة بن سعد بن مالک بن النخع ، کان بإصبهان أیام علی بن أبی طالب فیما
ذکر عن عمیر بن سعید قال: دخلت على الأشتر بإصبهان فی أناس من النخع ،
نعوده ».
وکان الأشتر
قبلها بطل الیرموک ، قال الواقدی فی:1/163، ونحوه ابن الأعثم: «ثم إن الملک
هرقل لما قلد أمر جیوشه ماهان ملک الأرمن وأمره بالنهوض الى قتال
المسلمین ورکب الملک هرقل ورکب الروم وضربوا بوق الرحیل،وخرج الملک هرقل
لیتبع عساکره... وسار ماهان فی أثر القوم بحیوشه والرجال أمامه ینحتون له
الأرض ویزیلون من طریقهم الحجارة وکانوا لا یمرون على بلد ولا مدینة إلا
أضروا بأهلها ویطالبونهم بالعلوفة والإقامات ولا قدرة لهم بذلک فیدعون
علیهم ویقولون: لاردکم الله سالمین . قال وجَبْلَة بن الأیْهم ( رئیس غسان
وملک الشام) فی مقدمة ماهان ومعه العرب المتنصرة من غسان ولخم وجذام...وجعل
الجواسیس یسیرون حتى وصلوا الى الجابیة وحضروا بین یدی الأمیر أبی عبیدة
وأخبروه بما رأوه من عظم الجیوش والعساکر، فلما سمع أبو عبیدة ذلک عظم علیه
وکبر لدیه وقال:لاحول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم، وبات قلقاً لم تغمض
له عین خوفاً على المسلمین...قال عطیة بن عامر: فوالله ما شبهت عساکر
الیرموک إلا کالجراد المنتشر، إذْ سدَّ بکثرته الوادی! قال:ونظرت الى
المسلمین قد ظهر منهم القلق وهم لا یفترون عن قول لاحول ولاقوة إلا بالله
العلی العظیم، وأبو عبیدة یقول:قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَیْنَا
صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ
الْکَافِرِینَ ».
ثم ذکر
الواقدی/178، رسالة أبی عبیدة الى عمر فقال عمر: « ما تشیرون به علیَّ
رحمکم الله تعالى ؟ فقال له علی بن أبی طالب: أبشروا رحمکم الله تعالى فإن
هذه الوقعة یکون فیها آیة من آیات الله.. قال لعمر: یا أمیر المؤمنین أکتب
الى عاملک أبی عبیدة کتاباً وأعلمه فیه أن نصر الله خیر له من غوثنا
ونجدتنا ».
وکانت الآیة التی وعد بها النبی(ص) على ید الصحابی البطل مالک الأشتر ، الذی قطف النصر للمسلمین فی الیرموک.(1)
(1)الحمد لله هذا دلیل آخر للتثبیت لقضیة المالکیه و هو مولاة الأمام علی(ع)و الشاهد علی ذلک و جود اسماء و ان لم یکون دلیل قاطع لکن یجب ذکره ألا و هی اسماء علی و حسین فی الشجره المطبوعه لعشیرة الحمودی علی الأقل.
موقع السید علی الکورتنی العاملی